السبت 28 ديسمبر 2024

الرجل الذي دعا عليه النبي صلى الله عليه بقلم الدكتور جابر قميحة

انت في الصفحة 2 من صفحتين

موقع أيام نيوز

الدعاء باطلاق يعني الطلب مع التذلل والخشوع وإجابة الطلب أو الاستجابة له تعني التحقيق العملي للمطلوب القولي أو المطلوب الشعوري أي الترجي أو التمني بالعقل والشعور. وهذا علي المستوي البشري يحدث عمليا في مجتمعاتنا كل يوم. وصورته الدارجة نراها مثالا في موظف مظلوم يقف الروتين المعقد عقبة في طريقه فيتجه بدعائه أو شكواه إلي كبير ذي حيثية فينصفه متخطيا كل قواعد الروتين التي تحول دون أن ينال هذا المظلوم حقه. أفتعترف بهذا الحق أو هذه القدرة للبشر وتستكثر علي الله أن يستجيب لدعوة نبي مظلوم وهو المستجيب لدعوة من هو دون النبي. وهو سبحانه وتعالي القائل ادعوني أستجب لكم غافر من الآية وأنا أعرف بالاسم والمسمي صالحين ظلموا دعوا علي ظالميهم فاستجاب الله لهم في حياتهم منهم كفيف فقير اعټدي عليه ظالمه باللكم بيمناه حتي أدمي وجهه وهو لا يستطيع أن يصد اللكمات عن نفسه لأن الظالم المعټدي إذا رأه يحاول حماية وجهه وجه لکمته إلي صدره فإذا حاول حماية صدره وجهه لكمة إلي وجهه حتي سقط مغشيا عليه وهو يدعو الله أن يشل يمينه وشلت يمين المعټدي بعد عام وعجز الطب عن علاجه وقد رأيته بعدها ويمينه تهتز بجانبه دون إرادته كأنها خرقة بالية.
وكأني فتحت باب الانتصار لصاحبنا فهب قائلا أنت ذكرت حالة واحدة أما أنا فأعرف مئات الحالات.. مظلومين منهم من قضي عشرات السنين في السجون دون ذنب جنوه.. دعوا.. ودعوا.. ولم يستجب دعواتهم. بل رأيت من ظالميهم من زادهم الله مالا وسلطانا وتوفيقا ومن المظلومين من زاد فقره ومتاعبه ومشكلاته في الحياة بمرور الأيام.
قلت له للأسف أنت تتعامل مع المنطق الإلهي بالعقلية البشرية وهي محدودة المدي فتريد الاستجابة العاجلة وتحقيق المطلوب في ساعة أو يوم وليلة مع أن الخير قد يكون في الثمرة البعيدة والشړ قد يكون في الثمرة الدانية القريبة. والشړ يصيب المؤمن ابتلاء ويصيب الكافر أو العاصي بلاء . والابتلاء هو الاختبار فتزيد مثوبته بالصبر. أما البلاء فهو الاڼتقام من الكافر أو العاصي في الدنيا. والنعمة تصيب المؤمن ليزيد أيضا ثوابه بشكر الله وبلسانه يلهج بالدعاء رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي الاحقاف من الآية فالمؤمن أمره كله خير إن أصيب بضر صبر وإن أصيب بخير شكر. أما الكافر فيصدق عليه قوله تعالي والذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم من حيث لا يعلمون لأعراف وذلك بإمدادهم بالنعم وزيادة الغني فيهملون شكر الله عليها. فيكونون من أهل الڼار.
كما يصدق عليهم قوله تعالي فذرهم في غمرتهم حتى حين أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون المؤمنون . والمعني اتركهم يا محمد في جهلهم وغفلتهم وإغفالهم شكر الله حتي يدركهم المۏت
ويلحقهم العڈاب. أيحسبون أن ما نمدهم به من أموال وبنين من قبيل المسارعة بالخير لهم وإكرامهم بل إنما جاء ذلك وهم لا يشعرون من قبيل استدراجهم ليزيدوا في غيهم فيزيد عذابهم.
قال صاحبنا حتي لو آمنت بأن الأسد قد مزق عتبة بن أبي لهب حقيقة في وادي القاصرة وأن اختياره وقع عليه دون غيره فلماذا لا يكون ذلك قد وقع مصادفة ولا علاقة له بدعوة النبي? . قلت إن قولك هذا افتعال غير علمي فالصدفة هي ملجأ العاجز عن التعليل الحقيقي أو التهرب منه ونحن في عصر أثبت العلم فيه تأثر الحيوان بكلام الإنسان ومشاعره مما لا تتسع هذه المساحة الضيقة لشرحه. فما بالك إذا كان الفاعل هو الله القدير المنتقم الجبار والداعي المظلوم هو محمد خاتم الأنبياء والرسل عليهم السلام.
قال صاحبنا ولماذا خلت حياة النبي من دعوة أخري مع أن عتبة بن أبي لهب لم يكن أشد المؤذين أو الساخرين منه? قلت آه.. يظهر أنني مضطر أن أهديك كتابا في السيرة لتقرأ فيه أنه صلي الله عليه وسلم أرسل رسالة إلي كسري الفرس أبرويز بن هرمز يدعوه فيها إلي الإسلام فمزقها فدعا الله أن ېمزق ملكه فلم يبق له باقية ولا بقيت لفارس رياسة في أقطار الدنيا. وروي ابن مسعود أن قريشا أتت بسلا جزور أي سقط بعير ووضعه عقبة بن أبي معيط علي كتفيه ورأسه وهو ساجد لا يستطيع أن يرفع رأسه حتي جاءت فاطمة فرفعته عنه ثم دعا ربه اللهم عليك بقريش ثلاثا ثم قال اللهم عليك بأبي جهل وعتبة بن ربيعة. وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة وأمية بن خلف وعقبة بن أبي معيط وعد السابع فلم أحفظه. قال ابن مسعود فوالذي نفسي بيده لقد رأيت الذي عد رسول الله صلي الله عليه وسلم صرعي في القليب قليب بدر صحيح البخاري. كتاب الوضوء باب إذا ألقي علي المصلي قذر أو جيفة. نظرت إلي صاحبي وقلت ألا يدل ذلك علي قدرة الله واستجابته لنبيه صلي الله عليه وسلم أم هي الصدفة يا صاحبي?!! لم يجب وبعد لحظات من الصمت قال بقيت كلمات أخشي أن أبوح بها فتكفروني. قلت قل.. لا تخف نحن لا نكفر أحدا ونحن دعاة لا قضاة. قال إن النبي دعا الله أن يسلط علي عتبة كلبا والذي قټله أسد لا كلب . فأين الاستجابة للدعوة إذن?
ضحكت وقلت إنه ذكر الكلب علي سبيل الإشارة إلي أي حيوان مفترس. كما إن للأسد عشرات من الأسماء في العربية منها الليث والورد والغضنفر ومنها كذلك الكلب . هدانا الله سواء السبيل يا صاحبنا العزيز.

انت في الصفحة 2 من صفحتين